مدونة العشر الاوائل والتكنولوجيا الحديثة: ماهية الركود الاقتصادي - العشر الأوائل

أقسام مدونة العشر الأوائل

آخر الموضوعات

السبت، 7 يناير 2012

ماهية الركود الاقتصادي - العشر الأوائل

الركود الاقتصادي


يعني
الركود الاقتصادى انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما, أو نموا سلبيا في النمو الاقتصادي الحقيقي لمدة فصلين متعاقبين أو أكثر من السنة.

يُشار إلى أن معظم حالات الركود الاقتصادى في العالم كانت قصيرة.


ويمكن مشاهدة آثار الركود في الانخفاض الكبير بالنشاط الاقتصادي لعدة أشهر، مما يعكس انخفاضا بالناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة، وفي زيادة البطالة وانخفاض الإنتاج الصناعي وانخفاض تجارة التجزئة.


ويبدأ الركود بعد أن يصل النشاط الاقتصادي إلى أوجه، وينتهي بعد أن يصل الاقتصاد إلى أدنى درجة في النمو. وبعدها يبدأ الاقتصاد مرحلة جديدة يعاود فيها الصعود الى الأعلى فيما يعرف بالنمو الاقتصادى.


ويصاحب فترة الركود انخفاض في النشاط الاقتصادي العام وزيادة في عدد العاطلين عن العمل، وانخفاض في حجم الاستثمارات وأرباح الشركات.


وقد يصاحب الركود انخفاض كبير بالأسعار أي انخفاض في معدل التضخم، وقد يصاحبه أيضا ارتفاع كبير في معدل التضخم.


ويطلق على الركود لفترة طويلة الكساد الاقتصادى، والذي يوصف إذا


كان خطيرا بالانهيار الاقتصادى.



يميّز العلماء بين حالة الركود الاقتصادي وبين حالة الكساد الاقتصادي، وذلك بقولهم: حالة الركود هي تلك الحالة التي تظلّ العلاقات الاقتصادية التي تربط بين العناصر المختلفة في الأسواق سليمة، وتقاس دائماً بالتراجع في معدل نمو الناتج المحلي خلال ثلاثة أرباع متتالية من العام المالي، بالإضافة إلى اتجاهات البطالة ومبيعات الجملة والتجزئة وحركة العقارات وغيرها، وفي هذه الحالة يمكن التعويض خلال مدة معينة عن طريق إعادة تحريك الاستهلاك الخاص أو الاستثمار من خلال إجراءات الحكومة. أما حالة الكساد، فهي تشير إلى انهيار الإنتاج إلى الدرجة التي تُلحق الضرر بالأسس الرئيسية للنشاط الاقتصادي، وتبرز بالأساس من خلال انهيار أسعار الأسهم بأسواق المال وتفاقم حالات الإفلاس في المؤسسات التجارية والمالية والبطالة الواسعة .. إلخ،
وفي هذا السّياق يصبح من المستحيل تغيير المسار الاقتصادي باستخدام الأدوات الاقتصادية العادية, ولكن يتطلّب إجراءات أكثر تعقيداً من حالة الركود الاقتصادي. الدورة الاقتصادية كما هو معلوم، فالدورة الاقتصادية تمرّ بعدّة مراحل، هي: الرّواج، الانكماش، الركود، الانتعاش، لكن مرحلة الركود الاقتصادي تعتبر أخطر مرحلة، وذلك لتأثيرها الكبير على المشروعات، إضافةً إلى اتصاف النشاط الاقتصادي فيها بعدة خصائص، كلها تبدو خطيرة وذات أثر كبير، مثل: ارتفاع معدلات البطالة إلى حدٍّ تزداد فيه الجرائم الاقتصادية والأمراض الاجتماعية، وتراجع القدرة التصريفية لوحدات الإنتاج، مما يؤدي إلى تناقص الأرباح التجارية ليصل المشروع إلى حالة تآكل رأس المال العامل فيه! إضافة إلى تقلَّص الطلب، مما يؤدي إلى انخفاض حادّ في الأسعار، وهذا كله يؤدي إلى اختفاء الحافز على الاستثمار والإنتاج، وتكون النتيجة الحتمية إفلاسٍ كثير من المشروعات وخسارتها!! وبالتالي، يؤدي الركود إلى إحداث أزمات خطيرة جداً مثل: أزمة اشتداد المنافسة، وأزمة الطاقة العاطلة، وأزمة تراكم المخزون، وأزمة الحروب التجارية العالمية، وأزمة الإحباط العام.. إذن: تعتبر مرحلة الركود الاقتصادي حالةً مرضية مستعصية لم يسلم منها أحدٌ من المجتمعات، وتؤدى إلى نتائج وخيمة وخطيرة، سواءً على الفرد أو على الحكومات أو على المشاريع والمصانع وإلاّ ما هو مآل أسواق عامرة بالسلع والبضائع لكن دون وجود مشترين لها؟! وما هو مآل مشاريع ومعامل ومصانع قد أعلنت إفلاسها ـ أو كادت ـ وما هي الحلول الكفيلة للقضاء على ظاهرة الركود الاقتصادي، وماذا عن الركود الاقتصادي؟! 
مفهوم الركود الاقتصادي:
يختلف مفهوم الركود الاقتصادي من الفكر الاقتصادي الوضعي إلى المفهوم الإسلامي لذلك، وبالتالي يمكن اختصار ذلك الفارق بما يلي: في المفهوم الاقتصادي الإسلامي: هناك أحاديث متفرّقة عن تلك الظاهرة، مثال ذلك ما أورده العلامة ابن خلدون (ت: 808 ه) وهو يحلّل ظاهرة الكساد وأسبابها وتأثيرها على الأسواق والنشاط الاقتصادي فيقول: (يقع الكساد في الأسواق بسبب أن الدولة والسلطان هي السوق الأعظم للعالم ومنه مادة العمران، فإذا احتاج السلطان الأموال أو الجبايات أو فقدت فلم يصرفها في مصارفها قلّ حينئذٍ ما بأيدي الحاشية والحامية وانقطع أيضاً ما كان يصل منهم لحاشيتهم وذويهم وقلّت نفقاتهم جملة وهو معظم السّواد، ونفقاتهم أكثر مادة للأسواق ممن سواهم، فيقع الكساد حينئذٍ في الأسواق وتضعف الأرباح في المتاجر فيقلّ الخراج لذلك، لأن الخراج والجباية إنما تكون من الاعتمار والمعاملات، ونفاق الأسواق وطلب الناس للفوائد والأرباح ووبال ذلك عائد على الدولة بالنقص لقلّة أموال السلطان حينئذ بقلّة الخراج، فإن الدولة هي السوق الأعظم أم الأسواق كلها وأصلها ومادتها في الدخل والخرج فإن كسدت وقلّت مصارفها فأجدر بما بعدها من الأسواق أن يلحقها مثل ذلك وأشدّ منه وأيضاً فالمال إنما هو متردد بين الرعية والسلطان فهم إليه ومنه إليهم، فإذا حبسه السلطان عنده فقدته الرعية سنة الله في عباده). وقد أشار إلى ظاهرة الركود والتضخم من قبل ابن خلدون العلامة جعفر بن علي الدمشقي ـ وهو أحد علماء القرن السادس الهجري ـ حيث تحدّّث عن مخاطر التجارة خاصة وقت الغلاء، كما وفصلّ عن التّجار وهم في أثناء الركود، قال: (فإن لكل بضاعة ولكل شيء مما يمكن بيعه قيمة متوسطة معروفة عند أهل الخبرة به فما زاد عليه سمي بأسماء مختلفة على قدر ارتفاعه، فإنه إذا كانت الزيادة يسيرة قيل قد تحرّك السّعر فإن زاد شيئاً قيل قد نفق فإن زاد أيضاً قيل ارتقى، فإن زاد قيل قد غلا، فإن زاد قيل قد تناهى، فإن كان مما الحاجة إليه ضرورية كالأقوات سمي الغلاء العظيم والمبين، وبإزاء هذه الأسماء في الزيادة أسماء النقصان، فإن كان النقصان يسيراً قيل قد هدا السّعر، فإن نقص أكثر قيل قد كسد، فإن نقص قيل قد اتضع، فإن نقص قيل قد رخص، فإن نقص قيل قد سقط السّعر، وما شاكل هذا الاسم). وأما الإمام السيوطي (ت: 911 ه )فقد ألف رسالة بعنوان (قطع المجادلة عند تغيير المعاملة)، تحّدث فيها بدقة عن حالتي الكساد والتضخم، وأشار إلى ظاهرة عدم وجود سيولة نقدية، وتحدّث عن الدورة الاقتصادية، أي تتابع الكساد والرواج، والتضخم والركود، يقول في ذلك: (فقد كثر السؤال عما وقع كثيراً في هذه الأزمان، وهو اختلاف الخصوم في المطالبة بعد المناداة على الفلوس كل رطل بثلاثين درهماً بعد أن كانت ستة وثلاثين، وهل يطالب من عليه الدّين بقيمته يوم اللزوم، أو يوم المطالبة، وهل يأخذ من الفلوس الجدد المتعامل بها عدداً بالوزن أو بالعدد؟ فرأيتُ أن أنظر في ذلك وفي جميع فروعه تخريجاً على القواعد الفقهية، وكذا لو نودي على الذهب أو الفضة، وقد وقع في سنة (821 ه) عكس ما نحن فيه وهو عزّة الفلوس وغلوها بعد كثرتها ورخصها، ونقلتُ عن خط قاضي القضاة علم الدين البلقيني: اتفق في سنة (821 ه) عزة الفلوس بمصر وعلى الناس ديون في مصر من الفلوس وكان سعر الفضة قبل عزة الفلوس كل درهم بثمانية دراهم من الفلوس ثم صار بتسعة، وكان الدينار الأفلوري بمائتين وستين درهماً من الفلوس، والهرجة بمائتين وثمانين، والناصري بمائتين وعشرة، وكان القنطار المصري ستمائة درهم، فعزت الفلوس ونودي على الدرهم بسبعة دراهم، وعلى الدينار بناقص خمسين، فوقع السؤال عمن لم يجد فلوساً وقد طلب منه صاحب دينه الفلوس فلم يجدها، فقال أعطني عنها ذهباً أو فضة بسعر المطالبة، ما الذي يجب عليه ؟). وأما العلامة ابن عابدين (ت: 1252 ه) فقد ألف رسالة عنوانها (تنبيه الرقود على مسائل النقود) تحدّث فيها عن معنى الكساد -لغةً واصطلاحاً- وركزّ على أثر تغيّر النقود على المعاملات النقدية المؤجلة الدفع، ققال: (ويقال: أصل الكساد الفساد، والكساد عند الفقهاء أن تترك المعاملة بها في جميع البلاد وإن كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل ولكنه يتعيب إذا لم يرج في بلدهم فيتخيّر البائع إن شاء أخذ قيمته، وحدّ الانقطاع أن لا يوجد في السوق وإن كان في يد الصيارفة وفي البيوت، والانقطاع كالكساد). ـ أما عن مفهوم الركود في الفكر الاقتصادي الوضعي فيمكن اختصاره بما يلي: في عام 1930 ساد العالم حالة من الكساد الكبير، بحيث ارتفعت نسبة معدلات البطالة، مما أدى إلى الحرمان والبؤس و..، كل ذلك جعل العالم الاقتصادي الكبير (كينز) يعكف على دراسة تلك المشكلة ويحلّل أسباب نشأتها ويحاول وضع الحلول الناجعة لها. فأصدر (كينز) رسالة عن النقود، ثم أعقبها بكتاب قيّم عن النقود والفائدة وعنونه ) (النظرية العامة للتوظف) وكان ذلك في عام 1936 م، تلى ذلك وضعه تسعة كتب قيمة تعالج الدورة التجارية والركود والكساد والنظرية النقدية. وجوهر ما توصّل إليه (كينز) أن التفسير الطبيعي للركود الاقتصادي هو: الهبوط المفاجئ للفاعلية الحدّية لرأس المال، وذلك عن طريق إحداثه نقصاً في الاستثمارات وفي الطلب الفعّال. وتحدّث (كينز) عن أهم ميزات الركود الاقتصادي. وهي: أ ـ انخفاض حجم التشغيل، وذلك نظراً لتوقّف الاستثمارات الجديدة، ولانكماش الاستثمارات القائمة. ب ـ انخفاض الاستهلاك: أي كثرة المخزون من السلع… وبالتالي، فقد توصّل (كينز) وهو يحلّل المشاكل الاقتصادية، وخاصة مشكلة الركود والكساد، توصّل إلى ما يلي: مع تزايد الدخل القومي يزداد الميل للادخار، وبالتالي ينقص الميل للاستهلاك، وفي الوقت نفسه ينخفض معدل الكفاية الحدّية لرأس المال، وبالتالي ينقص الميل للاستثمار، ومن هنا تلوح في الأفق مشاكل عدم التوازن بين الادخار والاستثمار، وتظهر مشاكل البطالة والركود والكساد.


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...